السنة إللي كان علينا واجب كطلاب بأننا ننزل إلى مستوصفات الرعاية الصحية الأولية في المنطقة ونقوم به، هذا الواجب يرتكز على كيفية تعامل الطبيب مع المريض بعد أن درسنا أخلاقيات ومبادئ العمل كطبيب بالكلية، خلني أعطيك نبذة عن الأشياء اللي علمونا إياها بالكلية مثل أن الطبيب يعالج المريض بختلاف عرقه ،جنسه ،جنسيته ،دينه ،عقيدته ،لغته ، و حتى لون بشرته.
كحسن في بداية مذاكرتي لهذه المقرر بدت الأمور لي واضحة وبسيطة و متقبلها داخليًا ومُسلم بها. لكن وقت تطبيقها أشياء كثيرة رجعت أفكر فيها من جديد وأتاملها .. الموقف اللي حصل هو أن في إحدى الأيام ذهبت إلى المستوصف الصحي ألقيت السلام على الطبيب و عُرفت عن حالي وشرحت له الواجب الدراسي، الطبيب كان متعاون و مُرَحِب بي، بعد ذلك جلست في زاوية الغرفة وأمامي الطبيب ومكتبة وبجواره كرسي الجلوس للمرضى. طُرق الباب وإذا بشاب في العشرين من عمره، وكل شيء بدأ طبيعيًا للوهلة الأولى إلى أن بدأ بالكلام عن مشكلته الصحية والتي خلاصتها عدوة جنسية حصل عليها بعد علاقة محرمه قام بها.
وهنا كانت الصدمة الكبرى لي في تلك اللحظة، كيف أن المشاعر المقرفة المقززة التي راودتني في داخلي اتجاه المريض، مع أن لبسي للكمامة (mask), لم يخفي مظهر أشمئزازي و أنزعاجي من الموضوع حينها. لكن استنتجت لاحقًا أنه من حسن الحظ لم ينتبه لي المريض آنا ذاك. بالنسبة لطبيب كان قبل وبعد سماعه للخبر بنفس تعابير الوجه و نفس مستوى التفاعل مع المريض بدون أي ردة فعل قد تُنَفِر المريض.
الدروس التي خرجت بها من بعد هذا الموقف كثيرة :
الدرس الاول : كيف انك كطبيب مستقبلًا رغم رؤيتك وتعاملك مع العاصي و المجرم او المذنب يجب عليك أن لا تظهر مشاعرك الداخلية اتجاهه، لكِ أقنعك معي عزيزي تخيل معي ردة فعل الدكتور لو لم تكن هادئة ماذا قد يحدث؟! صراخ الطبيب وعتابه على المريض بفعله شي محرم في شريعتنا الإسلامية ؟! نظرة الازدراء من الطبيب للمريض؟! كل هذه الأشياء لو حدثت لرفض المريض أن يقبل خطة العلاج او سماع نصائح الطبيب، فبالتالي الطبيب لم يحقق هدفه وهو علاج المرضى.
الدرس الثاني: الحمدلله سبحانه وتعالى على تعاليم دين الإسلامي يقينا من شر الوقوع بالرذائل المؤديه إلى الأمراض و التعاسه.
الدرس الثالث: لا تدري لعل الشخص المذنب من بعد علاجك له واعطائه فرصة للحياة من جديد من بعد الله سبحانه وتعالى قد يصل إلى قناعة تغير مجرى حياته إلى الأفضل و يصبح فرد فعال يخدم المجتمع.
الدرس الاخير : انت طبيب تستر عورات الناس و تسمع لمشاكلهم على جميع الأصعدة النفسية و الجسدية بالاضافة ؛ إلى أنك سببًا كبير بعد الله في تخفيف مراره المرض عليهم.
حاب الكتابة وودك تشارك تجارب تفيد اللي بعدك ؟
تواصل معنا X
كتابة : حسن علي الراضي تحرير : نوف النهدي تصميم : اسراء متولي